الواحة : ولاية غرداية تعيش عالم آخر ، قد لا يدرك أوجاعه و تجاعيده إلا من عاش تلك المحن ، و وقع في وحل الظلم ، و الحيف ، نتيجة شلل حقيقي لأجهزة الرقابة.. متى تتحرك هذه الأجهزة ، أو يتدخل وزير العدل ليحول القرارات و الخطابات الجميلة البراقة إلى واقع ؟
و ما أكثر الخطابات الجميلة التي يسمعها المواطن ، و لكن يعيش على أرض الواقع عالم آخر مختلف و موجع ، و لعل هذا ما يجعل الوزير مطالب بخطة عاجلة جاجة في من يتصدى للمظالم ، لا أن تترك هذه المظالم تتراكم ، و تتعدد و قد تتعقد الأوضاغ ، إلى أن يهزنا الطوفان مرة أخرى و في الغد القريب إن نحن لم نرفع الظلم عن المظلوم.. و بدون مقابل (..) أي بدون دفع رشوة..(..) لأن في غرداية الآن كل شئ خاصع للرشوة ، و لا شئ يتحقق بالمجان..
نائب يتحدث عن ” رشوة ” لوقف الفتنة ، صدق أو لا تصدق..
و آخرون يتحدثون عن ” شراء السلم” برشوة (..)
نبدأ تحقيقنا بهذه القصة ، في الأيام الأولى من الأزمة التي مرت بغرداية ، و بمكتب من مكاتب البرلمان ، ينظر النائب إلى بعض الحضور الذين جاؤوا لمقابلته ، ماذا قيل لكم ؟ ” إدفعوا كاش ” نضع حد للفتنة..(..)
و لا أحد يدري من هؤلاء الذين يتحدث عنهم النائب البرلماني ، و لماذا لم يحرك ضدهم دعوى أمام القاضي مثلما يفعل اليوم مع عشرات الأبرياء.. أو يطرح الظاهرة في شكل سؤال برلماني على وزير العدل ليطهر القطاع من أشكال الإبتزاز الظاهرة و الخفية..
” بورصة الرشاوى ” القطاع الأكثر انتعاشاً
هل يتدخل وزير العدل بخطة عاجلة و جادة..؟
عالم آخر يعيش بيننا و نعايشه ، تسمع حكاياته من هذا المواطن أو ذاك و لا سلطة أمامك للحد من الظاهرة المقلقة حقاً ، ” لقد إشترينا السلم” كلمة تسمعها هنا و هناك بكل وقاحة ، و غباء و خبث ، جهة تسجن و أخرى تمارس الإبتزاز ، و تتفنن في التركيع و التخويف ، و الإستعباد ، هو وضع أخطر من وضع زمن العبيد ، لأن العبيد لا يحدث لهم ما يحدث الآن للكثير من الخلق ، مثال ذلك المواطن ( ر. م ) الذي اتصل بنا كصحافة ليخبرنا بأن أخاه سجن حديثاً و بشكل تعسفي منذ أربعة أيام و لا يعرف السبب ، فقط لأن اسمه شبه باسم شخص آخر محل بحث ، و يضيف أن أحد ” المكلفين بمهمة اتصل به و عرض عليه دفع مبلغ مالي قدره 30 مليون سنتم مقابل إطلاق سراح أخاه الموقوف ، و يضيف ” المكلف بمهمة” أوضح بأن المبلغ لا يستفيد منه شخص واحد بل عدة أشخاص ، يقتسم المبلغ بينهم ، وحددهم حتى بالمهام و نوعية المسؤوليات ” في جهاز القضاء.. وأصبح الشك في القضاء مضاعف ، عوض الإطمئنان للعدالة بأنها ستنصف المظلوم من بطش الظالم..
المواطن الشاب في حيرة من أمره ، هل يدفع أم يرفض و يبقى أخاه في المعتقل ، و قد يزج به في السجن ..(..)
للإشارة أن للمتحدث أخ آخر في السجن منذ أشهر بقضية أخرى قال أنها ” ملفقة ” .. و ما أسهل ” التلفيق ” في ولاية غرداية..
أكد الشاب الذي حكى لنا ما تعرض له بكل حيرة ، بأنه لن يرضخ لمثل هذه المساومات ، و هذا الشكل من الإبتزاز مهما كانت الجهة التي تساوم..
أخ الشاب يدخل السجن فعلاً و يقضي قرابة الـ 6 أشهر ثم يحكم عليه بالبراءة.
هل لو دفع الرشوة ، سوف لن يدخل السجن أصلاً ؟ سؤال يطرحه كل من تعرض لمثل هذا الشكل من الإبتزاز..
عام قبل تدشين ” مشروع المحنة “
” الرشوة بالجنس ” عالم آخر أبشع
عالم الرشوة أضحى أقوى نظام سائد الآن في غرداية ، وقد لا نتحدث عن تلك الجريمة التي ارتكبها شاب برمي شاب آخر و هو يداعبه في بئر ، الشبكة و جدت في تلك الحادثة فرصة للزج بأطراف أخرى في السجن و تعقد القضية وتضفي عليها الشكوك و الغموض ، حتى يسهل الإبتزاز من الأطراف المضافة للملف ، هذا العالم له مختصون في غرداية ، و محترفون في فن الإبتزاز و المكر.. و اختيار الوجه الواجب توريطه.
و الصحافة عمومية كانت أم خاصة لا تكشف هذا الوجه الخفي والموجع لغرداية مع كل أسف.. هل هو الخوف من بطش النافذين والإنتقام ؟ أم نقص احترافية ؟ أم تواطؤ (..)
هي صورة أخرى من الصور الموجعة لمأساة غرداية ، لا أحد يحاول علاجها أو التصدي لمكرها ، و إعادة الصورة الناصعة لهذا القطاع المسمى القضاء..
من الرشوة بالمال إلى الرشوة بالجنس أخطر
حين يشتكي كتاب في المحكمة عن وضع لا يطاق
حدث هذا قبل تنفيذ سيناريو المكر بغرداية ، كتاب ضبط يشتكون من ممثل نيابة يمارس سلوكيات منافية لمهامه كممثل للقانون ، كشفت الواحة عن حقائق ما يتحدث عنه هؤلاء ، في تحقيق بعنوان ” ممثل نيابة هاجسه الجنس ” ، بعد التحقيق بخمسة أيام تنزل برقية التنحية من المهام ، و كانت بمثابة الفرحة العارمة وسط موظفي المحكمة.. مقال يوفر الراحة والإطمئنان لفريق كامل من العاملين أصحاب الضمير في محكمة ، فكيف الحال حين يتعلق الأمر بالمواطن البسيط..
و علق أحدهم ” على الأقل سنعمل خلال الـ 5 سنوات القادمة في جو آخر غير هذا الذي كنا عليه..”
و لكن لم يكن أحد يتصور أن النافذين سيقلبون كل شئ بعد سنتين فقط ، لتبقى الأمبراطورية ” شغالة ” وتعد الممارسات إلى سابق عهدها و بالمساجين الأبرياء ، ” أمبراطورية الرشاوي” هي بمثابة الأكسجين بالنسبة لهم.
و هل يمكن علاج مثل هذه الظواهر و الأوضاع بالخطب و النصوص فقط ؟ أم يتطلب قدرات منصفة في التفتيش و التحقيق و التصدي لمثل هذه السلوكيات التي حلت محل القانون.
و هي من العوامل التي تجلب الطوفان و الزلازل و الجفاف حين يتصاعد مستوى الظلم و النفوذ..
يتبع.. الحلقة القادمة : قصة القاضي الذي سحبت منه رخصة السياقة